اهمية بحيرة طبريا

نبراسأنهار وبحيرات
اهمية بحيرة طبريا

عناصر المحتوي

    مقالات قد تهمك

    موقع بحيرة طبريا كانت منطقة بحيرة طبريّا مَحلّ استقرار الإنسان الأوّل؛ فقد ساعدت الأنهار المُتدفِّقة للبحيرة، والسهول المُحيطة بها وتربتها الخصبة، والمناخ المُعتدل، ووَفرة المياه على أن تكون مصدراً للرزق لمُختلف الشعوب على مرّ العصور، حيث كشفت بعض الرواسب التي تعود إلى الفترة ما بين 400.000-500.000 سنة تقريباً عن أدوات ما قبل التاريخ، وشَظيَّين بشريَّين يُعَدّان من بين الأقدم في الشرق الأوسط، كما تمّ اكتشاف هياكل كنعانيّة تعود إلى الفترة ما بين 1000 و2000 قبل الميلاد، وقد أُطلِق على بحيرة طبريّا اسم بحيرة الجليل، إضافة إلى أنّها كانت تُسمَّى قديماً بأسماء مُتنوِّعة، مثل: كينيرت، وجنيسارت.[١]

     

    موقع بحيرة طبريا

    تقع بحيرة طبريّا شمال فلسطين، وتُحيط بالبحيرة تلالٌ من كلّ الجوانب؛ فمن الغرب يقع جبل أربيل، ومن الشرق تُحيط بها مُرتفَعات الجولان، وهي بحيرة حُلوة، وذلك بسبب وجود العديد من الينابيع المعدنيّة التي تُغذِّي البحيرة، كما يُعَدُّ نهر الأردنّ المنفذ الرئيس لها، وتمتدُّ البحيرة على مساحة 65 ميلاً مُربَّعاً، أي ما يُعادل 170 كيلومتراً مُربَّعاً، ويبلغ مُتوسّط ​​عُمقها 25.6 متراً، وحجم المياه فيها حوالي 4 كيلومترات مُكعَّبة، وتُعتبَر مياه بحيرة طبريّا من مصادر الشُّرب الرئيسة في إسرائيل، إذ إنّها كانت تُوفِّر ثُلث مياه إسرائيل في الماضي.[٢][٣]

    أهميّة بحيرة طبريّا

    تحتلّ بحيرة طبريّا خصوصيّة لدى الديانة المسيحيّة؛ فالروايات وِفق الإنجيل المسيحيّ تقول بأنَّ نبيّ الله عيسى بن مريم قد مشى على الماء، وهدّأ رياح العاصفة؛ لينقذَ تلاميذه في ذلك اليوم العاصف، كما أنّ سيدنا عيسى -عليه السلام- كان يُلقي خُطَبَه الشهيرة على جبالها، وفيها جنَّد أوّل أربعة تلاميذ تابعين له، ولهذه الأسباب وأسباب سياحيّة أُخرى يزور حوالي مليون سائح من مختلف دُوَل العالَم بحيرة طبريّا، وتُعرَف أيضاً ببحيرة الجليل (بالإنجليزيّة: Sea of Galilee)، أو كينيرت، وِفقاً لتقارير وزارة السياحة الإسرائيليّة.[٣][٢]

     

    ومن الناحية الاقتصاديّة؛ تُشكِّل بحيرة طبريّا خزّاناً كبيراً للمياه في منطقة تُعاني من شُحِّ مصادر المياه، كما تشتهرُ بأنَّها منطقة سياحيّة مُميَّزة تقع في منطقة مُنخفضة عن مُستوى سَطح البحر، كما تتميَّز بمناخ مُعتدِل ودافئ، ومن الجدير بالذِّكر أنّها منطقة تنتشر فيها المعالم الأثريّة، والطبيعيّة، والجغرافيّة.[٤]

    الحدود الدوليّة لبحيرة طبريّا

    أرادت الحركة الصهيونيّة التركيز على الموارد الطبيعيّة من أرضٍ وماء، وحَرِصت على توسيع مساحة منطقتها، فقدَّمت مُذكِّرة عالميّة إلى مُؤتمَر السلام الذي انعقد في باريس عام 1919م، حيث نَشرَت فيه خرائط تُبيِّن المناطق التي تدخلُ في دائرة نفوذها فيما يُسمَّى بأرض إسرائيل؛ ومن ضمنها الجولان، وحوران، وبعد اتّفاقية سايكس بيكو، تمّ ضَمّ بحيرة طبريّا بالكامل، والجليل الأعلى، ونهر الأردن ضمن حدود الجولان، ووِفق الاتّفاقية فإنّ الحدود الرسميّة امتدَّت من جنوب رأس الناقورة وبشكل مستقيم إلى مَصبّ نهر الأردنّ في بحيرة طبريّا.[٤]

    ومن الجدير بالذِّكر أنّه قد تمّ إدخال بعض التعديلات على اتّفاقية سايكس بيكو؛ لضمان الحفاظ على المصالح الفرنسيّة البريطانيّة في المنطقة، وفي النهاية تمّ التوصُّل إلى اتّفاقية نيوكامب بولييه عام 1923م، وتمّ تعديلها عام 1926م تحت اسم (اتّفاقية حُسن الجِوار)، وقد تمّ فيها رَسم الحدود الدوليّة التي وافقَت عليها عُصبة الأُمَم المُتَّحِدة آنذاك، ومن المُهمّ ذِكر أنَّ تبعيّة بحيرة طبريّا قد انتقلَت من دولة إلى أُخرى حسب كلّ اتّفاقية؛ فمثلاً نَتجَ عن اتّفاقية سايكس بيكو حصول سوريا على كامل البحيرة، بينما في اتّفاقية لوبدر كليمانصو أُدخِلت البحيرة داخل الحدود الفلسطينيّة، إلى أن عادت سوريا إلى فَرْض سيطرتها على جزء من البحيرة في اتّفاقية سان ريمو، وأعطت الاتّفاقية المُوقَّعة بين فرنسا وبريطانيا النصف الشرقيّ من البحيرة لسوريا، وبعدها تقلَّصت حصّة سوريا من البحيرة إلى الثُّلُث وِفق مُعاهَدة باريس، بينما أعطت اتّفاقيةُ 1923م البحيرةَ كاملة لفلسطين.[٤]

    وفي أيّار/ مايو عام 1948م، وأثناء الحرب استطاعت القوّات السوريّة التقدُّم إلى عدّة أماكن، والاستيلاء على مُستعمَرة (مشمار هيردين) اليهوديّة، وقد أدّى الهجوم من قِبَل القوات السوريّة على جنوب بحيرة طبريّا إلى إخلاء الإسرائيليّين للخطِّ المُمتَدّ على الشاطئ البالغ عَرضه 10 أمتار، والضفّة الشرقيّة لنهر الأردن، كما وصلت القُوّات السوريّة إلى الجهة الشماليّة الشرقيّة من فلسطين، وإلى الشرق من مُستعمَرة (دان) اليهوديّة.[٥]

    وفي عام 1949م، وأثناء مُحادثات الهُدنة بين إسرائيل وسوريا، سعى الاحتلال الإسرائيليّ إلى خروج القُوّات السوريّة من فلسطين، إلّا أنّ سوريا رفضت ذلك، وأصرَّت على استحداث خطٍّ للهُدنة دون الارتباط بحدود دوليّة لا تَعترفُ بها سوريا أصلاً، بل بالاستناد إلى الوَضْع العسكريّ القائم، وبالتالي تمّ توقيع هُدنة عام 1949م تحتّم على سوريا نتيجة لها الانسحاب إلى شرقيّ الحدود الفلسطينيّة السوريّة القديمة، كما تحتّم على القُوّات الإسرائيليّة أن تمتنعَ عن دخول المناطق التي أخلَتها القُوّات السوريّة؛ وذلك كي تُصبحَ منطقة منزوعة السلاح، حيث لا يتمّ فيها أيّ نشاط عسكريّ من كلا الطرفَين.[٥]

    وقد ظهر بعد ذلك ما يُعرَف بخطّ الرابع من حزيران، ويعني خطّ المُواجَهة بين سوريا وإسرائيل عند وقوع حرب 1967م، وهو لا يتطابقُ مع الحدود الدوليّة بين فلسطين وسوريا، ولا يتوافقُ مع خطّ الهُدنة المُتَّفَق عليه سنة 1949م، حيث تمّ على إثره ترسيم الحدود بشكل يضمن بقاء بحيرة طبريّا كلّها، بما فيها من شريط عَرْضه 10 أمتار من شاطئها الشماليّ الشرقيّ داخل فلسطين، إذ رُسِمت تلك الحدود من بحيرة طبريّا شمالاً إلى بحيرة الحولة، وعلى بعد يتراوحُ بين 50 متراً و 400 متر إلى الشرق من نهر الأردنّ، ممّا جعل النهر بكامله داخل فلسطين، كما أُضِيفت لفلسطين قطعة من الأرض بجانب نهر اليرموك الذي يُعَدّ أكبر روافد نهر الأردن، وصولاً إلى بلدة الحمّة.[٥]

    الخطر الذي يواجه بحيرة طبريّا

    بسبب المناخ الجافّ الذي يُؤثِّر في المنطقة وُضِعت أهمّ مصادر المياه في الأراضي المُحتَلّة في أزمة حقيقيّة، إذ أدّى ذلك إلى انخفاض مُستوى بحيرة طبريّا خلال عشر سنوات إلى أربعة أمتار، وتجاوزَ الخطّ الأحمر المقبول لمُستوى المياه، وبات اقترابه من الخطّ الأسود قريباً، ويعني الوصول إليه أنَّه سيقضي على الحياة البحريّة والبرّية في حوض البحيرة.[٦]

    من المخاطر التي تهدد البحيرة اعتماد إسرائيل بشكلٍ مُباشرٍ على بحيرة طبريّا وعلى المياه الجوفيّة كمصادر مائيّة طبيعيّة، وبسبب الانخفاض الملحوظ لمُستوى المياه في البحيرة حثّ علماء البيئة على ترشيد استهلاك المياه، وقد تفاقمت المشكلة أكثر خلال سنوات الجفاف التي لَحقَت بالمنطقة.[٦]